الربـــــان
 
الـرُّبـَّان
 
تَحْتَ الْدُّجَىْ
وَالْبَرْقِ وَالأَنْوَاءِ وَالْسُّحُبِ الْرَّوَاعِدْ
يَارَوْعَةَ الْرُّبَّـانِ
أَعْطَتْهُ الْسَّمَاءُ جَلاَلَ زَاهِدْ
يَغْشَىْ مُتُوْنَ الْيَّمِ 
وَالإِعْصَارُ فِيْهِ عَلَيْهِ حَاقِدْ
شَرِسٌ يَلُوْكُ شِرَاعَهُ 
وَالْمُوْجُ أَعْلَى مِنْهُ صَاعِدْ
وَهُوَ الْوَقُوْرُ وَرُوْحُهُ
رُوْحٌ أَتَتْهُ مِنْ الْشَّدَائِدْ
أَعْطَتْ لَهُ حِذْقَ الْحَصِيْفِ
فَلاَ يَلِيْنُ وَلاَ يُعَانِدْ
وَحَبَتّهُ إِدْرَاكَ الْمُجَرِّبِ 
لاَ يَهُوْنُ وَلاَ يُجَالِدْ
فِيْ صَدْرِهِ مَلَكٌ
وَفِيْ أَعْصَابِهِ جَبَرُوْتُ مَارِدْ
تَأتِيْ لَهُ الأَهْوَالُ قَاصِرَةً 
وَيَأتِيْ الْهَوْلَ رَاشِدْ
بِيَدَيْهِ لَمْسَةُ سَاحِرٍ
وَبِقَلْبِهِ خَشَعَاتُ عَابِدْ
مِحْرَابُهُ فِيْ الْغَيْمِ
يَصْحَبُهُ..وَفِيْهِ يَظَلُّ سَاجِدْ
وَضَمِيْرُهُ فِيْ الْسُّوْءِ مُنْكَمِشٌ
وَ فِيْ الْخَيْرَاتِ نَاهِدْ..
وَنَجِيُّهُ الْفَجْرُ الْنَّدِيُ الْضَّوْءِ
فِيْ عَيْنَيْهِ خَالِدْ
وَأَنَا هُنَا..
فِيْ الْشَّاطِئِ الْمَلْهُوْفِ تُجْزِعُنِيْ الُمَشَاهِدْ
عَيْنَايَ تَنْتَظِرَانُهُ 
بَطَلاً بِزَهْوِ الْنَّصْرِ عَائِدْ
أُعْطِيْهِ مِنْ غَارِيْ أَكَالِيْلاً
وَأُلْبِسُهُ قَلاَئِدْ..
وَيَدْيْ عَلَىْ قَلْبِيْ..
وَ لُبِّيْ خَلْفَهُ فِيْ الْمَوْجِ شَارِدْ
يَامَنْ يَسِيْرُ بِفُلْكِهِ...
مُسْتَهْدِيَاً ضَوْءَ الْفَرَاقِدْ
جَزَعِيْ وَإِشْفَاقِيْ عَلَىْ
مَنْ وَحْدُهُ فَوْقَ الْمَرَاصِدْ
مُتَلَفِتَاً مَاحَوْلَهُ
لاَنَاسَ ثَمَّةَ غَيْرَ وَاحِدْ
هُوَ وَحْدُهُ الْيَقْظَانُ
فِيْ فُلْكٍ عَلَىْ الأَمْوَاجِ مَائِدْ
عَيْنَاهُ جَاحِظَتَانِ..
مِمَّا يَسْتَبِيْنُ وَمَايُشَاهِدْ
مَشْدُوْدَتَانِ إِلَىْ الْهُمُوْمِ
حَزِيْنَتَانِ لِمَايُكَابِدْ
وَالآخَرُوْنَ جِوَارُهُ
غَافُوْنَ فِيْ تَرَفِ الْمَرَاقِدْ
وَثِرَتْ مَضَاجِعَهُمْ
وَأَرْخَىْ مِنْهُمُ الْدِّفءُ الْسَّوَاعِدْ
يَتَطَلَّعُوْنَ إلَىْ مَعَارِكِهِ
بِإِحْسَاسِ الْمُحَاِيدْ..
يَتَضَاءَلُوْنَ وَيَنْقُصُوْنَ
لَدَىْ الْمَوَاقِفِ
وَهُوَ زَائِدْ
وَيَرَاهُمُ فَيَشُدُّ فِيْ 
جَنْبِيْهِ لِلْعَزْمِ الْمَعَاقِدْ
وَيَخُوْضُ مِنْهُمْ فِيْ شِتَاءٍ
قَارِسَ اللَّفَحَاتِ بَارِدْ
وَيَلُفُّهُمْ فِيْ قَلْبِهِ
جُرْحَاً تُغَطِّيْهِ الْضَّمَائِدْ
إِلاَّ الْقَلِيْلَ..
تَعَلَّمُوْا مِنْ جُهْدِهِ خُلُقَ الأَمَاجِدْ
قَلْبِيْ عَلَىْ الْـرُّبـَّانِ
مَكْدُوْدَاً..وَقَدْ عَـزَّ الْمُسَاعِدْ
بِيَدِيْهِ يَحْتَضِنُ الْقُلُوْعَ
كَأَنَّ فِيْهِ لَهُنَّ وَالِدْ..
جَزَعِيْ عَلَىْ مُسْتَبْسِلٍ
تَقَعُ الشَّوَامِخْ وَهَوَ صَامِدْ
جَزَعِيْ عَلَىْ بَذْلِ الشُّجَاعِ
بِهِ وَإِيْثَارِ الْمُجَاهِدْ
جَزَعِيْ عَلَىْ مَافِيْهِ
مِنْ بَطَلٍ وَإِنْسَانٍ وَرَائِدْ
جَزَعِيْ عَلَىْ مَافِيْهِ
مِنْ نَصْرٍ وَمُنْتَصِرٍ وَقَائِدْ
كَمْ يَفْزَعُ الْمِحْرَابُ
لَوْ أَخْلُوْهُ مِنْ طُهْرِ الْمَسَاجِدْ
وَ سَطَا عَلَىْ قِنْدِيْلِهِ الْمَشْبُوْبِ
سُرَّاقُ الْمَعَابِدْ...
كَمْ ذَا يَسُوْءُ الْخَيْرُ
إِنْ لاَثَتْ بِهِ قِطَطُ الْمَوَائِدْ
وَالْصِدْقُ يُهْزَمُ صِدْقُهُ
إِنْ ظَلَّ إِثْمُ الْزُّوْرِ سَائِدْ
كَمْ يَخْمَلُ الْضِّرْغَامُ
إِنْ تَخْلُوْ مِنَ الأُسْدِ المَآسِدْ
فَيَنَامُ مُنْتَقِصَاً
وَفِيْ عَيْنَيْهِ كُلُّ الغَابِ رَاقِدْ
كَمْ يُخْذَلُ الْمِقْدَامُ
أَنْ تَغْفُوْ الفُوَارِسُ وَهَوَ سَاهِدْ
وَيَرُوْحُ يَلْوِيْ مُهْرَهُ 
وَيَرَىْ لِنَصْلِ السَّيْفِ غَامِدْ
وَالنَّارُ تُصْبِحُ جَمْرُهَا
ثَلْجَاً إِذَا تَشْتُو المَوَاقِدْ
وَالْنَّهْرُ يُصْبِحُ فَدْفَدَاً
إِنْ لَمْ تَصُبْ فِيْهِ الـرَّوَافِدْ
 
*****
    Up     Back
Copyright: www.alfudhool.com Email: info@alfudhool.com