أحلام السنين
 
أَحْلاَم ُالسِّنِيْن
 
 
لَكَ أَيَّامِيْ وَشَوْقِيْ وَحَنِيْنِيْ
لَكَ آهَاتُ فُؤَادِيْ وَشُجُوْنِيْ
يَاحَبِيْبِيْ أَنْتَ مَالَمْلَمْتُهُ
مِنْ مُنَىْ الْعُمْرِ وَأَحَلاَمِ الْسِّنِيْنِ
فِكْرَةٌ أَنْتَ صَحَبْتُ الْعَقْلَ فِيْهَا
وَفَارَقْتُ جُنُوْنِيْ
 
جِئْتُ دُنْيَا أَنْتَ فِيْهَا حُلُمِيْ
فِيْ أَحَاسِيْسِيْ
وَفِيْ نَبْضِ دَمِيْ
أَنْتَ لِيْ كُلُّ وُجُوْدِيْ فَإِذَا
لَمْ أَكُنْ فِيْكَ طَوَانِيْ عَدَمِيْ
وَمُعَانَاتِيْ لِحُبِّيْ وَاجَهَتْ
كُلَّ شَيْءٍ فِيْهِ إِلاَّ نَدَمِيْ
 
يَاحَبِيْبِيْ لَيْسَ فِيْ الْحُبِّ ذُنُوْبْ
تُخْجِلُ الْطُّهْرَ فَمِنْ مَاذَا نَتُوْبْ
إِنَّهُ لِلَّهِ تَمْجِيْداً تَرَدِّدُهُ الأَرْضُ وَتَتْلُوْهُ الْقُلُوْبْ
 
لَمْ يَعُدْ سِرَّا هَوَانَا أَوْ تَخَفِّيْ
فَيَرَىْ مِنْ صِدْقِنَا لَحْظَةَ ضَعْفِ
خَوْفُهَا يُنْكِرُهُ مِنَّا وَيَنْفِيْ
أَيَّ قَلْبٍ سَيُدَارِيْهِ وَيَخْفِيْ
أَلْفُ قَلْبٍ لِهَوَانَا لَيْسَ تَكْفِيْ
فَاسْتَرِيْحِيْ أَلْسَنَ الْنَّاسِ وَكُفِّيْ
 
حُبُّنَا مَا تَاهَ فِيْ الإِثِمِ وَلاَ ضَلْ
حُبُّنَا أَتْقَىْ مِنَ الْتَّقْوَىْ وَأَنْبَلْ
حُبُّنَا قُرْآنُ قَلْبَيْنَا الْمُرَتَّلْ
لَكَأَنَّا نَغْسِلُ الْفَجْرَ بِهِ
أَوْ كَأَنَّا فِيْهِ بَالآيَاتِ نُغْسَلْ
 
كُلُّ شَيْءٍ جَاءَ إِثْمَاً كِبْرُهُ فِيْهِ وَالْحُبُّ كَرِيْمُ الْكِبْرِيَاءِ
لَمْ نَعِشْ أَيَّامَنَا فِيْ حُبِّنَا فَوْقَ أَرْضٍ بَلْ عَلَىْ عَرْشَ ضِيْاءِ
كَمْ نَزَلْنَا غُرَّةَ الْشَّمْسِ ضُحَىً وَأَتَيْنَا الْنَّجْمَ فِيْ جَوْفِ مَسَاءِ
وَسَمَوْنَا وَحَسِبْنَا أَنَّنَا نَحْنُ وَالأَمْلاَكَ جِيْرَانُ سَمَاءِ
 
يَاحَبِيْبِيْ إِنَّ بِدْئِيْ فِيْ حَيَاتِيْ
وَضُحَىْ أَيَّامُ عُمْرِيْ الْمُشْرِقَاتِ
لَيْسَ مَامَرَّ
وَلَكِنْ مَاسَيَأتِيْ
يَوْمَ أَلْقَاكَ وَأَلْقَىْ أُمْنِيَاتِيْ
وَأَرَىْ فِيْكَ نُشُوْرِيْ مِنْ مَمَاتِيْ
 
لَيْسَ فِيْ أَيَّامِ بُعْدِيَ عَنْكَ إِلاَّ حَسَرَاتِيْ
إِنَّهَا تَأتِيْ حَزِيْنَاتٍ كَأَيَّامِ وَفَاتِيْ
وَبِهَا وُحْشَةُ قَبْرِيْ وَلَهَا صَمْتُ رُفَاتِيْ
 
ظَالِمٌ مَنْ يَحْسَبُ الْحُبَّ اخْتِيَارَا
نَحْنُ فِيْهِ بِيَدِ الْغَيْبِ أَسَارَىْ
لَمْ نَكُنْ نَحْنُ أَرَدْنَاهُ وَلَمْ
تُعْطِنَا أَقْدَارُنَا فِيْهِ خَيَارَا
أَوْ نَكُنْ نَمْلَكُ فِيْهِ خَطْوُنَا
يَوْمَ سَرْنَا حَيْثَ رَكْبُ الْغَيْبِ سَارا
تَرْجَمَتْنَا أَلْسُنُ الْنَّاسِ بِهِ
خَطَأً فِيْهِ الْخَطَايَا تَتَوَارَىْ
 
هَكَذَا دَرْبُ هَوَانَا قَدْ بَدَا
كُلَّهُ شُوْكَاً وَلَيْلاً وَعِثَارَا
مَاعَلَيْنَا إِنْ عَبَرْنَاهُ كَمَا
تَعْبُرُ الُطَّيْرُ إِلَىْ الأَيْكِ قِفَارَا
إِنَّهَا أَقْدَارُنَا شَاءَتْ لَنَا
فِيْهِ أَنْ نَمْشِيْ إِلَىْ الْجَنَّةِ نَارَا
وَامْتِحَانٌ لَفُوَادَيْنَا بِهِ
تَصْنَعُ الأَقْدَارُ لِلْحُبِّ انْتِصَارَا
كُلَّمَا مَدُّوْا ظَلاَمَاً حَوْلَنَا
أَطْلَعَ الْحُبُّ لِقَلْبَيْنَا نَهَارَا
وَمَشَى فِيْ ضَوْءِهِ مُكْتَسِيَاً
شَفَقَ الُفَجْرِ وَأَحْلاَمَ الْعَذَارَى
 
فِيْ مَدَىْ عُمْرِكَ أَوْ أَبْعَادِ عُمْرِيْ
لَمْ يَكُنْ قَلْبِيْ وَلاَ قَلْبُكَ يَدْرِيْ
أَنَّنَا فِيْ رِحْلَةِ الأَقْدَارِ نَسْرِيْ
لِنُلاَقِيْ الْحُبَّ فِيْ أَحْضَانَ فَجْرِ
مِنْ نَقَاءٍ عَبَقِ الْضَّوْءِ وَطُهْرِ
شَرِبَ الْفَجْرُ بِهِ مَوْجَةَ عِطْرِ
 
كَمْ ضَحَكْنْا عِنْدَمَا قَالَ سِوَانَا
رُبَّمَا الأَيَّامُ تُنْسِيْنَا هَوَانَا
عَجِزَ الْنِّسْيَانُ أَنْ يُنْسِيْنَا
أَوْ يُلاَقِيْ فِيْ فُوَادَيْنَا مَكَانَا
وَلَقْدْ كُنَّا أَرْدْنَاهُ فَبَارَكْ أَشْوَاقَ هَوَانَا وَنَهَانَا
وأَتَانَا مُنْذِرَاً أَنَّ لَنَا الْوَيْلُ إِنْ نَحْنُ غَدَرْنَا بِمُنَانَا
 
مُسْتَحِيْلٌ يَاحَبِيْبِيْ أَنَّنَا
فِيْ مَدَىْ الأَيَّامِ نَنْسَىْ حُبَّنَا
وَهُوَ الْحُبُّ الْذِيْ أَوْجَدَنَا
وَوَجَدْنَا عِنْدَهُ أَنْفُسَنَا
وَبِغَيْرِ الْحُبِّ مَاكُنْتَ لِتَعْرَفَ مَنْ أَنْتَ وَأَدْرِيْ مَنْ أَنَا
إِنْ سُئِلْنَا عَنْهُ قُلْنَا لِمَنْ يَسْأَلَنَاكَانَ هُنَا
وَهُوَالْفَيْضُ الَّذِيْ أَعْطَىْ لَنَا فَوْقَ مَايُمْكِنُ لا مَاأَمْكَنَا
 
كَيْفَ يَنْسَىْ الْقَلْبُ أَوْ تَنْسَىْ الأَمَانِيْ
حُبَّكَ الْمَوْلُوْدَ فِيْ دِفْءِ حَنَانِيْ
وَفُؤَادِيْ فِيَّ لَوْ شِئْتُ لَهُ
غَيْرَ نَبْضِ الْحُبِّ نَبْضَاً لَعَصَانِيْ
وَضِيَا عَيْنِيْ لَوْ شِئْتُ بِهِ
أَنْ أَرَىْ غَيْرَ حَبِيْبِيْ مَا أَرَانِيْ
وَلِغَيْرِ الْحُبِّ لَوْ شِئْتُ أُغَنِّيْ
لَمَاتَتْ فَوْقَ أَوْتَارِيْ بَنَانِيْ
أَوْ أَتَانِيْ الْنُطْقُ لاَيَطْرَحُ غَيْرَ
حُرُوْفَ الْحُبِّ حَرْفَاً فِيْ لِسَانِيْ
 
كَمْ ظَمِئْنَا فِيْهِ وَجْدَاً وَهَيَامَا
وَلَقِيْنَا فِيْهِ عَذْلاً وَمَلاَمَا
وَحَمَلْنَاهُ دُمُوْعَاً وَابْتِسَامَا
وَتَقَاسَمْنَاهُ سُهْدَاً وَمَنَامَا
فَهُوَ فِيْنَا كُلُّ مَا نَحْيَا بِهِ
مِنْ مُعَانَاةٍ لِنُعْطِيْهِ الْدَّوَامَا
لَوْ فَقَدْنَاهُ لَعِشْنَا بَعْدَهُ
ذُلَّةَ الْيُتْمِ وَأَحْزَانَ الْيَتَامَى
 
حُبُّنَا أَكَبْرُ مِنَّا
وَهَوَانَا لَيْسَ يُفْنَىْ
كَيْفَ يُفْنَىْ كَيْفَ يُفْنَىْ
فَهُوَ كَانَ لِقَلْبِيْنَا فَنَاءً فَنِيْنَا فِيْهِ أَشْوَاقَاً وَمُتْنَا
وَبُعِثْنَا فِيْهِ نَأوِيْ وَاحَةً ذَابَ فِيْهَا الْفَجْرُ إِشْرَاقَاً وَحُسْنَا
وَلَوْ أَنَّا فِيْهِ شِئْنَا أَنَّ نَكُوْنَ مَلِيْكَانِ عَلَىْ فَجْرٍ لَكُنَّا
 
لاْتُساءلْنِي عَنِ الْلُّقْيا وَلاَ
تَشْكو أَنَّ الْصَبْرَ بِالْفُرْقَةِ ضَاقَا
فَمَتَى فَرَّقَنَا الْحُبُّ ومَا
عَرَفَ الْحُبُّ لِقَلْبَيْنَا افْتِرَاقَا
نَحْنُ رُوْحَانِ وَلَكِنْ دَمَنَا
لَوْ أَسَالُوْهُ ذَبِيْحَاً لَتَلاَقَىْ
وَحَبِيْبَانِ تَسَاقَيْنَا الْهَوَى
وَشَرِبْنَا كَأسَنَا فِيْهِ دُهَاقَا
وَبِهِ نَحْنُ تَخَاصَمْنَا مَعَ الْصَحْوِ
وَالْفُرْقَةِ .. سُكْرَاً وَعِنَاقَا
فَمَتَى كُنَّا أَفَقْنَا لِنَخَافَ هُمُوْمَ الْعَقْلِ أَوْ نَخْشَى الْفُرَاقا
 
فِيْ طَرِيْقِ الْحُبِّ لَسْنَا وَحْدَنَا
كُلُّهَا الأَقْدَارُ تَمْشِيْ مَعَنَا
يَرْسُمُ الْغَيْبُ لَنَا مَوْعَدَنَا
لِتَلاَقِيْنَا عَلَىْ عَرْشِ الْمُنَى
 
كَمْ مَشَيْنَا بِالْجَوَى وَالْحُبِّ دَرْبَا
نَمْلَءُ الأَيَّامَ أَشْوَاقَاً وَحُبَّا
عَطَرَ الْلَّيْلِ نَدِيَ الْفَجْرِ خَصْبَا
كَادَ أَنْ يَكْسُوْ وُجُوْهَ الْصَّخْرِ عُشْبَا
 
كَمْ تَغَنَّيْنَا وَأَصْغَتْ لِغِنَانَا
زَهْرُ وَادِيْنَا وَرَيْحَانُ رُبَانَا
وَتَرَكْنَا الَعُمْرَ فِيْ نَشْوَتِنَا
قَدْ سَقَاهُ حُبُّنَا مِمَّا سَقَانَا
وَحَسِبْنَا الأَرَضَ مِنْ فَرْحَتِنَا
مَاعَلَيْهَا مِنْ مُحِبِّيْنَ سِوَانَا
وَصَحَىْ الْطَّيْرُ عَلَىْ أَنْغَامِنَا
يَوْمَ وَشَّيْنَا ضُحَىْ أَيَّامِنَا
وَانْحَنَىْ الْوَرْدُ عَلَىْ أَقْدَامِنَا
ظَامِئَاً نُسْقِيْهِ مِنْ أَحْلاَمَنَا
 
يَاحَبِيْبِيْ سَوْفَ يَمْشِيْ دَرْبَنَا
كُلُّ مَنْ يَحْمِلُ قَلْبَا
وَسَيَحْمِيْ يَاحَبِيْبِيْ حُبَّنَا
كُلُّ قَلْبٍ قَدْ أَحَبَّا
قُبُلاَتٌ لِهَوَانَا وَلَنَا
مِنْ قُلُوْبٍ قَدْ أَحَبَّتْ مِثْلَنَا
وَقُلُوْبٍ قَدْ أَحَبَّتْ قَبْلَنَا
تَنْثُرُ الْوُرْدَ نَدِيَّاً حَوْلَنَا
وَهُوَ الْحُبُّ الَّذِيْ أَهَّلَنَا
مَعَهَا فِيْهِ فَصَارَتْ أَهْلَنَا
 
يَاحَبِيْبِيْ إِنَّمَا اْلُحُّب قَدَرْ
قَاهِرٌ فَوْقَ إِرَادَاتِ الْبَشَرْ
كَمْ لَهُ حَدُّوْا حُدُوْدَاً فَأنْتَشَرْ
وَتَحَدَّتْهُ قُلوْبٌ فَانْتَصَرْ
كَمْ أَعَاقُوْهُ وَلَكِنْ أَيْنَ لِلْرَّمْلِ أَنْ يَحْبِسَ تَيَّارَ الْنَّهَرْ
مُعْجِزٌ يُطْفِىْءُ حَتَّىْ صَاعِقَ الْبَرْقِ فِيْهِ إِنْ تَعَالَىْ أَوْ أَصَرْ
قَدْ يَرَىْ الْشَّوْكَ فَتُوْتِيْهُ فَضَائِلُهُ فِيْ الْشَّوْقِ أَعْبَاقَ الْزَّهَرْ
وَيَرَىْ الْلَّيْلَ فَتُعْطِيْهُ خَصَائِصُهُ فِيْ الْلَّيْلِ شَمْسَاً وَقَمَرْ
 
يَاحَبِيْبِيْ إِنَّ أَيَّامَ لِقَانَا
سَوْفَ يَلْقَاهَا قَرِيْبَاً مُلْتَقَانَا
مَالِئَاتٍ كُلَّ أَحْضَانَ الْمُنَىْ
لَكَ شَوْقَاً وَحَنِيْنَاً وَحَنَانَا
وَتُقِيْمُ الْشَّمْسُ فِيْ إِشْرَاقِهَا
لِثَبَاتِ الْحُبِّ فِيْنَا مَهْرَجَانَا
وَيُضِيْءُ الْلَّيْلُ تَمْجِيْدَاً ِلأَوَلِ يَوْمٍ حُبُّنَا فِيْهِ أَتَانَا
وَسَنَحْيَاهَا وَنَحْيَا صَفْوُهاَ
كَنَبِيْيَّنِ لَهُ الْحُبُّ اصَطَفَانَا
*****
 
    Up     Back
Copyright: www.alfudhool.com Email: info@alfudhool.com