هيبة الموت

 

هَيْبَة ُالمَوْت

هَيْبَةُ الْمَوْتِ فَوْقَ كُلِّ مَهِيْبِ

عَاشَ حُبَّاً أَوْ خَشْيَةً فِيْ الْقُلُوْبِ

تَعَبَ الْفَارِسُ الَّذِيْ بَهَرَ الْتَّا

رَيْخَ وَالْنَّاسَ فَوْقَ كُلِّ الْدُّرُوْبِ

وَجَدَتْ أَرْضُهُ بِهِ كُلَّ مَاتَطْلُبُهُ

الأَرْضُ مِنْ وَفَاءٍ خَصِيْبِ

عَاشَ تَارِيْخَهُ قُبُوْرَاً لأَحْدَاثٍ

مَشَاهُنَّ فِيْ مَضَاءٍ رَهِيْبِ

لَمْ يَدَعْ فِيْهِ غَيْرَ قَبْرٍ صَغِيْرٍ

حَمَلَتْهُ إِلَيْهِ كَفُّ الْمَغِيْبِ

لَمْ يَدَعْ لَحْظَةً مِنَ الْعُمْرِ تَمْضِيْ

دُوْنَ إِشْرَاقَةٍ وَلَمْعٍ وَوَمْضِ

فِيْ عِنَاقٍ مَعَ الْصِّراَعِ الْمُمِضِّ

أَوْ حَرِيْقٍ عَلَىْ مَنَاكِبِ أَرْضِ

أَوْ رَفِيْفٍ عَلَىْ زُهُوْرٍ وَرَوْضِ

كَيْفَ أَبْكِيْهِ وَهُوَ مَنْ عَلَّمَ الْنَّاسَ بِأَنَّ الْبُكَاءَ ضَعْفٌ وَذُلُّ

وَاجَهَتْ أَرْضُهُ رَدَاهُ بِإِصْرَارٍ عَنِيْدٍ مِنَ الْعُيُوْنِ يَطِلُّ

لَمْ يَدَعْ قَلْبُهُ الْشُّجَاعُ بِهَا خَفْضَةَ رَأسٍ عَلَىْ قُنُوْطٍ تَدِلُّ

أَوْ ذُهُوْلاً فِيْهِ الْمَرَارَة ُوَالأَحْزَانُ دَمْعَاً بِهِ الْعُيُوْنُ تُبَلُّ

عَاشَ مِلْءَ الْحَيَاةِ نُوْرَاً وَنَارَا

وَانْدِحَارَاً وَكَرَّةً وَانْتِصَارَا

يَرْعُشُ الْدَّرْبَ خَطُوْهُ حَيْثَ سَارَا

أَسْرَعَ الْخَطُوَ أَوْ تَهَادَىْ وَقَارَا

حَضَنَ الْفَوْزَ أَوْ تَلَقَّىْ انْكِسَارَا

لَمْ يَلُذْ خَلْفَ هُدْنَةٍ يَتَوَارَى

لَمْ يَنَلْ مِنْهُ بِشْرُهُ أَوْ هُمُوْمُهْ

زَمَمَ الْنَّصْرَ أَوْ تَرَدَّىْ هُجُوْمُهْ

أَكْبَرَتْهُ أَحْبَابُهُ وَخُصُوْمُهْ

وَثَوَىْ فِيْ نُفُوْسِهِمْ لِعَظِيْمِهْ

رَجُلٌ أَشْبَعَ الْحَيَاةَ وَأَرْوَاهَا مِنَ الْضُّوْءِ كُلَّ مَاتَشْتَهِيْهِ

وَمَضَىْ فَوْقَ صَدْرِهَا ثَابِتَ الُخَطُوِ وَتَارِيُخُهُ بِهِا يَبْتَنِيْهِ

وَامْتَطَىْ مَنْكَبَ الْشُّمُوْخِ وَأَعْطَىْ صَهْوَةَ الْعِزِّ شَعْبَهُ وَبَنِيْهِ

كُلُّ مَنْ طَافَ حَوْلَهُ قَدْ تَمَنَّىْ أَنَّهُ نَعْشُهُ الَّذِيْ يَحْتَوِيْهِ

وَتَمَنَّىْ مِنْ بَعْدِهِ كُلُّ صَدْرٍ أَنَّهُ قَبْرُهُ الَّذِيْ بَاتَ فِيْهِ

عَجَبَاً كَانَ شَأنُهُ وَعَجِيْبَا

لَمْ يَعِشْ عِنْدَ أَيِّ شَعْبٍ غَرِيْبَا

فَاحْتَوَتْهُ كُلُّ الْقُلُوْبِ حَبِيْبَا

قَدْ رَأَتْهُ بَعْضُ الْقُلُوْبِ مُرِيْبَا

مُخْطِئَاً كَانَ نَحْوْهَا أَوْ مُصِيْبَا

كَيْفَ أَرْثِيْهِ ؟ حِرْتُ حَتَّىْ بَيَانِيْ

فِيْ لِسَانِي أَغْفَىْ وَأَطْبَقَ صَمْتَا

وَيَرَاعِيْ يَئِنُّ فَوْقَ بَنَانِيْ

يَنْحَتُ الأَحْرُفَ الْعَصِيَّةَ نَحْتَا

أَرْوَعٌ أَذْهَلَ الْنُّفُوْسَ وَأَنْسَىْ

أَعْيُنَ الْنَّاسِ كَيْفَ تَبْكِيْهِ مَيْتَا

كَانَ شَيْئَاً أَقْوَىْ مِنَ الْقَوْلِ فِيْهِ

وَدَوِيَّاً أَعْلَىْ مِنَ الْصُّوْتِ صَوْتَا

أَكْبَرُ الْنَّاسِ فِيْ الْحَيَاةِ حَيَاةٌ

وَهُوَ فِيْ الْمَوْتِ أَكْبَرُ الْنَّاسِ مَوْتَا

    Up     Back
Copyright: www.alfudhool.com Email: info@alfudhool.com