إرجعي الصحرا ياريح (أدرجت في 5 أغسطس 2009)
 

إرجعي الصحراءَ يا ريحُ

 

 

لم أكـُن أعـــرفُهُ إلاَّ شهيـــــدا

فادياً يصحبه للمــوت وعيدا

حـــــاملاً في كفِّــه أكفانــــــه

هازئ الخطوة بالحتفِ عنيدا

ولقد عايشـتُ إنســـــــــانيته

خصبةً فيه وإنسانـاً فريـــــدا

 

جشَّــــمـته نفسُـــــهُ ممتنــــــــــــعاً

ينــــتهي في صدره النسر صعودا

فمضى في الوعرِ لا أمضى خطىً 

منــه في الوعر ولا أصلب عودا

والطمــــــــوح الضخـم محذورٌ به

يكمُنُ النحسُ لمن لاقى السعودا

 

إذكــروهُ وخــــــــــذوه مثـــــلا

قد مضى في شأوه مستبسلا

ما أتى في الـــــدربِ مخزاةً ولا

خـــاض للغايـــــــــة فيها وحلا

مجَّـــدوهُ وامنحــــــــــوه القُبلا

وأتـــركوهُ في ثـــــــــــراه بطلا

مثــــــلما كان وما زلنــــــا على

دربنا نحمــــلُ عنه المشعـــــلا

 

لم أُقِـــم في بهـــــو حزني مأتما

يُلـبــــس الشعرَ حداداً معولا

لم تمُتْ مفجـــوعةً نفسي ولا

نفــضَ الحزنُ بعيني حنظلا

وكفـــاني أنــــه لـــــو لم يكن

بطـــــــلاً في قومه ما قتلا

لا يــــــروم الغدر إلاَّ مهجةً

يطعــــــنُ الغادرُ فيها جحفلا

 

دارنا كم أعطــتِ العذر لمن

صـالَ أو غـــــالَ بها قتيلا

إنه حاضرنا الوحشي من

يرهب الرواد والمستقبلا

وسيمضي حاملا مَخْشَاتَه

مُمْعِنًا في ذعره مسترسلا

وسنمضــــي كلما جَثّ لنا

أمـــــــلاً فينا زرعنا أملا

 

أرجعي الصحراء يا ريحُ دعي ما تبقَّى من قناديلي يضيئ

وذري له واحتي آمنة لا دجــى فيها ولا صِــــــــلّ خبي

إتركيها خـــارجَ الليــلِ يــروح لنا الفجــــر عليها ويـــــجي

ما لإعـــمارك شـــرير المـــــزاج فما يفتنـــــــــــه إلا الرديء

ضقـــت بالـــدار وخاصمت نظــــافتها يخزيك فيها ما يضيئ

فتحركـــت وبــاءً مؤذيــاً ومـــلأت الـدار فيرانا تصــــــيئ

 

طــــالما قمنا على الأخلاقِ والغدرُ في قاموسنا لفـظ بذئ

فــــلماذا جئت بالقبح لنا فانطوى الفاضل وانطاد المسيئ

وتـــوقحــت عـــــراءً لا نــــدى عنـده يهمي ولا ظل يفيئ

وعشقتينا ضحايا فوقها رجسك الضاري على الطهر النقي

 

كيف تلقاك صديقٌ يا ضُحى أعينٌ مفقـــــــوءةٌ لا تستضيئ

نهنهي حـــزنك يا نفسي فلن يبرح الليل إلى الفجر يسيئ

ومعاني الخبث عاشت أبداً خصمها المحراب لا القبو الوبيئ

والضــــــراوات التي في فكها طعمها الماجد والشهم الجريئ

 

وجــــــعي ملءُ أحاسيســــي وأحزان نفسي أكتويها لهبا

أيـــن من عيني من عايَشـــتْهُ الناسُ للناسِ غـــداً مرتقبا

من لبست الفخم من معروفه وتسـربلت الجليل الطيبا

أثخــنت جـــرحي به الأيـــام إذ سلبــــــتني فيه إبنا وأبا

 

حيــــرتي تملئـُــــني وتملأُ ظــني ويقيــــــــــــني عجبا

كم تساءلتُ وكم لُذْتُ بأبعاد فهمي سائلاً مستجوبا

لِمَ أعـــمار عطاء الخير تُقصفُ والشرُ يعيشُ الحقبا

ولِمَ الأحداث تأتينا فتـــسلنا الصدق وتبقي الكذبا

 

أعقمـــــــت أنفسنا الأحقاد وماتـــــركت للخير فيها عقبا

وتمشينــــا بها بُوميّةً تعشــــــق الليل وتــــــــــأوي الخربا

أغبياءٌ نحـنُ كـــزلزالٍ يقصــف لا يعـــــــــــرف ما ضربا

داميـــون وغابيــــــون أمعنت الأخــــــــــلاق منا هربا

كلما جاء مضـــــــــيئٌ بيننا سبـــق النَّــــــابُ إليه المخلبا

كم تفـــــارسنا ولم نســــــــدل على خزينا فيما أتينا حجبا

وافتضحنا تحت كل الضوء إن لنا في كل سوءٍ مذهبا

مجــــدنا أن طباع الغاب أقامت لنا شرعاً وصارت أدبا

أي اسم اسمنـــا اليوم وقبــــــل دخول الغاب كنا عربا

 

ياسمائي كـــــدتُ لا أشـــهد فيكِ لأرضي غيمةً أو شهبا

كلما لاح لعيـــــــني وامــــــضٌ فيك من ضوء شهاب غربا

وإذا أورقت الأحلام في الأرض من تحتك أمست حطبا

وأتى الشَّـرُ على صهــــــوةِ آثــــامه يحــــــرقُ فيك السحبا

 

أمَّتي قـــد كثـــرتْ فيك الحصى والأذى أنـذر فيك الذهبا

يقطــــعُ البـــغيُ رقـــــابي ثم يســـرحُ مختــــالاً علـــــيها معجبا

وهو لا يأتي غبيــــاً أبــــلهاً يـــأخذ البُلهَ ويبـــــــــــقي النُّجُبا

فطنــــتْ آثــــامه أن تنتـــــقي غير من أقلقـــــــها أو أرعبا

يا نفوسي ستظــــلين دماً فــــوق أرضي أبداً منسكــــــبا

طــــالما رفضـــــك لا ينصاع أن ينشرَ السوءُ عليك الجربا

وسيبــــقى وطني ما دام يـــــركع لله مـــــــدانا مــــــــذنبا

    Up     Back
Copyright: www.alfudhool.com Email: info@alfudhool.com